المملكة المغربية: إقصاء رجل ساهم في إعداد دستور البلاد

المملكة المغربية: إقصاء رجل ساهم في إعداد دستور البلاد



للشاعر الكبير والأديب خالد خالد الصلعي

وقد قرأت رسالة حماد القباج ، وهي رسالة ممهورة بلغة الاستجداء والاحتماء بالملك ، واعتراف صريح بقبوله للعبة الديمقراطية ، بل انه يقول في رسالته أنه كان أحد أعضاء اللجنة الوطنية لاعداد دستور 2011 ، فهل يعقل أن يتم في دولة ديمقراطية اقصاء رجل ساهم في اعداد ستور البلد منذ ست سنوات ؟ . انها قمة العبث . ويجب كما يقول حماد فتح تحقيق في الاتهامات التي نالت من شرفه وشخصه . اذ لايعقل في دولة تحترم نفسها أن تمنع حقا دستوريا ووطنيا عن أي مواطن لمجرد بلاغات تافهة تستند على اختلاف في الرأي والتوجه الفكري . فالمغرب كان دائما قويا بتعدد مشاربه وتنوع مراجعه ، وانفتاحه على جميع الثقافات ، فكيف نضيق بشخص يعلن جهارا تشبثه بالملك وبالديمقراطية وبالدستور ، هل هناك سقوف أعلى من هذه السقوف في هذا الوطن ؟ . وحتى اذا ما انسقنا وانجررنا أمام الأخبار التي تفيد أن هناك ضغوطا دولية لاقصاء حماد القباج ، فهل نسي من انصاع لهذه الضغوط ما قرره الملك في خطابين من استقلالية المغرب واعتزازه بشخصيته ؟ . وهل تنحني الدولة أمام رغبات بعض المنظمات الحقوقية العمياء ؟ ، فأين هي اذن هيبة الدولة ؟ .
ان القرار الذي اتخذه والي مراكش بناء على مكالمات فوقية ، لايمكن أن يجد له من مسوغ الا مسوغ التحكم والتسلط ، الممزوج بالعشوائية والمزاجية . وهو يضرب في جوهر دولة الديمقراطية ، كما أنه تدخل قبلي سافر في مجريات العملية الانتخابية . والا فان أبو حفص سلفي سبق له وأن أدين بسنوات طوال قضى منها ما يقرب من عشر سنوات في السجن ، لكنه أصبح بعد العفو الملكي من المنعم عليهم وهو مرشح فوق العادة بمدينة فاس للانتخابات التشريعية القادمة. وأيضا صديقه محمد الفيزازي الذي أصبح من مقربي القصر، والذي رأى في منع القباج مصلحة وطنية ، وهو تخريج جديد لسلفي قديم . 
السياسة هي تصور قبل أن تكون قرارات جافة لا مذاق لها ولا أصول . والدولة المغربية ممثلة في وزارة الداخلية لا تعمل الا على ترسيخ غبائها الاداري ، وتمييع كلي للعمل السياسي .
طريق الديمقراطية طريق واضح لا لبس فيه ، وساحتها ساحة مكشوفة يتبارى فيها الأقوياء على مرأى من الجميع . لكننا في المغرب يمكن ان نخرج الديمقراطية من جيب المخزن متى شاء هذا المخزن . وهو لايعترف حتى بتراتبية السلطة ، فكلما أصاب المزاج مغص ما ارتد على الديمقراطية ونحى الدستور جانبا ووقف منتصبا في ساحة فارغة ينكل بالموتى . 
ان اقصاء القباج من قبل والي مراكش يعتبر قمة التسيب السياسي ، فهو لم يراع الجوانب الادارية ، على اعتبار أن سلطة الوالي في مثل هذه الحالات محدودة سياسيا ، خاصة وأن الحزب الذي رشح القباج هو حزب رئيس الحكومة ، الذي اوكل له الملك بناء على منطوق الدستور الاشراف العام على الانتخابات . كما ان القباج اذا كان في زمن ما قد خاصم الديمقراطية ، فانه بتقدمه للانتخابات يكون قد رضخ لشروطها ، دون الدخول في محاكمة النوايا . فأهم فضائل الديمقراطية انها تحاكم الواقع والوقائع ، ولها آليات يمكن من خلالها ، وبشفافية واضحة ، اعفاء أي برلماني من مهامه اذا تناقضت ومسؤولياته التمثيلية . 
لكن يبدو ان وزارة الداخلية قد أعماها استحواذها على المشهد المغربي العام ، وصارت تلقي بفتاويها الاقصائية والعنصرية ، بالبحث عن الماضي ، ومحاكمة مواقف قديمة ومحو أي تطور فكري للمواطن المغربي ، بناء على مقالات مغرضة لاستئصاليين يزكون من يشاؤون ويهمشون من لا يعزف على أنغامهم . هذه هي ديمقراطية بعض حداثيي المغرب الذين انتصرت لهم وزرارة الداخلية في نازلة القباج ، ضربا لروح الدستور ولحق طبيعي ومشروع لمواطن مغربي ، وهضم لمواطنته أيضا .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قاموس البهارات والاعشاب الشرقية باللهجة المغربية

من صدق أكذوبة غاندي فهو واهم، أفيقو من سباتكم

كلنا ضحية!!! نطالب بإعدام الطبيب حسن بوكيند