أشرف الملك محمد السادس، بطنجة، على إعطاء انطلاقة برنامج طنجة الكبرى من أجل تنمية مندمجة ومتوازنة وشاملة لمدينة البوغاز.
نحن الآن أمام مرحلة تحكم بيد من حديد من قبل النظام الملكي . الأمر لم يعد خافيا ، ولايترك مجالا للانتظار . الشعب المغربي يقع تحت هيمنة قاهرة للنظام الملكي . كنت قبل سنة تابعت شريطي فيديو لترأس الملك لحفل توقيع ما يعرف اعلاميا بمشروع طنجة الكبرى ، ولقاء آخر لاجتماع كبار الشخصيات بالدارالبيضاء لحفل يهم اعطاء مشاريع ضخمة بالعاصمة الاقتصادية سمي اعلاميا بمخطط تنمية جهة الدار البيضاء الكبرى.ولشد ما هالني الأمر وأفزعني ، وجعلني أتحسر على وضعية كبار رجال الدولة أمام ملك وعدنا بالحداثة والعدل والديمقراطية ، وأوهمنا انه واحد منا ، مواطن صالح يخدم مصالحنا ويدافع عنها . وضعية يمكن تشخيصها بعبارة واحدة ، افتقاد الشخصية وانهيار الانسان المغربي .
منذ متابعتي لحدثي التوقيع ، وصورتهما لا تفارقني ، حاولت مرارا الكتابة عنهما ، لكنني أحجمت لأسسباب عديدة الكتابة عنهما رغم اهتمامي بالموضوع . غير أن تواتر الأحداث بشكل ممنهج ، شكل لدي انطباعا قارا ويقينا ثابتا أن هجوما عنيفا يمارس على المغاربة ككيان وكهوية . فلم يعد الأمر يقتصر على مواردهم المادية ، بل تجاوزه الى ثروتهم الروحية ؛ الدين . واستفراد الملك وحاشيته بخيرات البلد ، ومحاولة تكبيل وتعطيل كل صوت حر مستقيم ، كما يحدث للقضاة الشرفاء من وطننا . لنعد لتحليل الصورتين وفق مشاهدهما .
ملك يجلس على كرسي منفرد ، محاط بأصحاب الجلاليب البيضاء من يمينه ويساره ، وفي الاتجاه المقابل ، منصة يجلس عليها الوزراء وكبار الموظفين لتوقيع محضر الجلستين .الملك منتبه ، سحنات صارمة ، يضع يديه على مرفقي كرسيه الذهبي ، عيناه منتصبتان بشكل حاد .
عندما بدأ حفل التوقيع على المشروعين ، لاحظت أن الوزراء ، وكبار الموظفين لا يبتسمون ، ولا يتحدثون الى بعضهم ، يجلسون كآلات موجهة ، بدأ بالتوقيع على المحضر وزير الداخلية ، ومرر بطريقة آلية المحضر الى وزير الشؤون الاسلامية الذي تحرك أيضا بطريقة آلية ، دون النظر الى صديقه أو الى الحضور ، عينان خافظتان ، وحركة يدوية متحكم فيها ، لا التفات ، ولا ابتسامة ، ولا كلمة . استلام المحضر والتوقيع ثم تمريره الى الآخر الذي يقوم بنفس الأمر ويأتي بنفس الحركات . وجوه متشنجة ،صارمة ، نظرات حادة ، حركات متصلبة وكأنهم صناعة صينية لآنسان آلي . للتذكير فقط ، قبل ايام أخرجت شركة هوندا اليابانية للسوق نموذج انسان آلي اكثر تطورا ، يتحدث ويجيب ويصافح ويقوم باعمال أخرى كتقديم الشاي وصب القهوة .
ناقشت العديد من اصدقائي في قضية مشهد الوزراء الآليين ، ونبهتهم أن الأمر يحمل من الخطورة ما قد لا نوليه اهتماما ، لكنه سينعكس في القريب العاجل على علاقتنا وعلى حياتنا العامة والشخصية . وها نحن اليوم نعيش ردة لا سابقة لها على صعيد الحريات العامة ، وطمس الهوية المغربية والهجوم على الدين الاسلامي ، وكأننا درسنا في مدارس أخرى غير المدرسة المغربية العمومية .
ان الهجوم الذي تشنه المؤسسة الملكية على مجمل قضايانا المصيرية والهوياتية والأخلاقية ، أصبح يدفعنا الى التنبيه الى خطورة الوضع . هاهم رجال القضاء يعزلون بقرارات ملكية . وهاهم رجال ونساء التعليم ، ما أدراك ما التعليم يهانون امام العالم .
وهاهم رجال ونساء الطب يعانون الأمرين . وها هي الطبقة العاملة تصاب في مقتل . وفي المقابل نجد أن أكبر رجال الفساد في المغرب يعززون من قبل الملك ويكرمون ويرقون . اما المال العام الذي يعتبر مال الشعب ، فان ملايير الدولارات تنهب أمام الشعب المغربي جهارا دون أن يرف جفن الفاسدين ، بل هم يسربون تلك الأخبار لمزيد من قهر المغاربة وتفتيت عزائمهم والتسليم بالأمر الواقع .
الروح عزيزة عند الله .....لكن الموت بشجاعة أرحم من الموت بجبن ، والموت مرفوع الرأس خير من موت تحت الأحذية . والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا .
تعليقات
إرسال تعليق