هكذا قُتل الذكتور ابراهيم الفقي

ابراهيم الفقي

علم الهراء الفاخر

في بداية مراهقتي كنت أتبجح على أصدقائي بقراءة كتب إبراهيم الفقي، الذي عاش طول حياته ينمي في قدراته النفسية والذاتية لكي يموت "محروقا"  في آخر المطاف، وأموت أنا "بالفقصة" على الوقت الذي ضيعته بين صفحات نصف كأسها فارغ والنصف الأخر فارغ تا هو... توالد أبونا إبراهيم وأصبح المجتمع بكامله مدربا في التنمية البشرية ويعيثون في أرض كسولة وفاسدة تفاؤلا بالندوات والمحاضرات والورشات التكوينية عن "كيف تثق في نفسك أيها الغبي"، " وقل "أنا زوين" 10 مرات كل يوم قبل أن تخرج إلى الزنقة منتصب القامة تمشي"، ردد أمام المرآة "سأقود العالم إلى المريخ"، "تنفس ببطء وارخ عضلات حنجرتك وستصبح غنيا"، "كيف تجذب زوجتك المستقبلية رغم بشاعتك"... كبرت ففهمت أن علم "الواقع" أقوى من كل ذلك  "الهراء الفاخر". 

الكل يدفع 200 درهم لدورة تدريبية عن "كيف تصبح مدربا في الدورات التدريبية" ويصبح مدربا في العديد من الدورات التدريبية، يدربون اللاشيء حتى دربوا جيلا من اللاشيئين المنفوخين بوهم الاختيار وكذبة الأمل في بلد يحارب العشاق".

هكذا قرروا بعد  مسيرة من الفشل استغلال هذه التجارة المربحة و بناء قصور من الأحلام بالرمال لشعب يستنجد بقوة الكلمة وأصبحوا متخصصين في علم "الكلام الزوين". قرروا بناء مدارس "النجاح" لتدريس "علم البرمجة بين الميتافيزيقا والإستطيقا"، وتكرير نفس الجمل في كل كتبهم الأكثر مبيعا، وجعلوا الغلاف جذابا ووضعوا فيه رسما نورانيا ملائكيا طهرانيا، وأسسوا لأمة من "القواد" ..يجوبون العالم العربي،  200 درهم للفرد الواحد والنجاح مضمون. حاصلون  على دكتوراه في علم النفس الاستوائي من جامعة "كارطا خنا" بكولومبيا، و"التنويم التناسلي" من جامعة "هامبورغ" ببريطانيا. الكل يبحث عن النجاح، لا يوجد أي أحد مهتم ،يملك من الصبر والوقت ليكون ناجحا. سوف تنجحون وسأنجح وسننجح جميعا في علم "الخواء". لا تنتقد محاضراتي واطلب "التسليم" وإلا فأنت عدو النجاح والعلوم. سأشحنك ببعض أقوال العظماء، وبعض من الآيات القرانية وقبصة من الأحاديث النبوية، وسنحارب كل العقبات وسننجح... الكثير من الألوان والموسيقى المؤثرة وبعض من الحركات البهلوانية كاغمض عينيك وتخيل أنك زعيم وستصبحا كذلك، ثم "نوض على سلامتك" وإن لم تقدر على النهوض، فاعلم أن المرحوم إبراهيم الفقي قد منعك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قاموس البهارات والاعشاب الشرقية باللهجة المغربية

من صدق أكذوبة غاندي فهو واهم، أفيقو من سباتكم